بشائر وفضائل الخير بادٍ فيك والإحسان ُ *** والذكرُ والقرآن ُ يارمضانُ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد
فإن مشهد
رمضان من المشاهد الحية في حياة المسلمين ، وهذا من توفيق الله تعالى وفضله
، فمشاهد الخير ، وأيام الطاعة ، إذا تحقق للمسلم شهودها كان ممتنّاً
بنعمة الله وفضله ، وشهر رمضان من هذه المشاهد العظيمة في حياة المسلمين ،
ينتظرونه في كل عام مرة ، ويشهدون بلقياه عظيم الفرحة في قلوبهم . وقد كان
النبي صلى الله عليه وسلم يعُدّ شهود هذا الشهر من نعم الله تعالى فيبشر به
عند قدومه حيث جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول : (( قد جاءكم
شهر رمضان ، شهر مبارك افترض الله عليكم صيامه ، تفتح فيه أبواب الجنة ،
وتغلق فيه أبواب الجحيم ، وتُغل فيه الشياطين ، فيه ليلة خير من ألف شهر من
حُرم خيرها فقد حُرم )) (1)
. وفي صحيح السنة ما يبين بجلاء عن فضائل عظيمة تصحب هذا الشهر ، وتحل مع
قدومه ، وهي كثيرة عظيمة نسوق بعضاً منها . فمن هذه الفضائل :

أن الصيام :
أنه يغفر الذنوب ويكفّر السيئات : قال صلى الله عليه وسلم في : (( من صام
رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه )) (2)

ومن فضائله
: أن الله تعالى خص نفسه يجزاء الصوم دون غيره فقال صلى الله عليه وسلم
قال : قال الله تعالى : (( كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي
به )) (3)

ومن فضائله
: أنه يشفع لصاحبه يوم القيامة : قال صلى الله عليه وسلم : الصيام والقرآن
يشفعان للعبد يوم القيامة ، يقول الصيام أي ربي منعته الطعام فشفّعني فيه ،
ويقول القرآن منعته النوم بالليل فشفّعني فيه ، قال : فيشفعان .(4)

ومن فضائله : أن الصوم وقاية وحجاب من النار قال صلى الله عليه وسلم : الصيام جُنّة يستجن بها العبد من النار .(5)
ومن فضائله
: أن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك . قال صلى الله عليه وسلم
: (( لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك )) (6)

ومن فضائله : أن للصائم فرحتان : فرحة عند فطره ، وفرحة عند لقاء ربه .(7)
ومن فضائله
: أن الله جعل للصائمين باباً خاصاً يدخلون منه يوم القيامة . قال صلى
الله عليه وسلم : (( إن في الجنة باباً يقال له الريان يدخل منه الصائمون
يوم القيامة لايدخل منه أحد غيرهم يقال : اين الصائمون فيقومون فيدخلون ،
فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل أحد )) (8)

ومن فضائله
: أن العمرة فيه تعدل حجة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال عليه
الصلاة والسلام لأم سنان مالك لاتحجي معنا قال : إن فلان له ناضحان حج على
أحدهما ، والآخر نتسقي عليه فقال صلى الله عليه وسلم : اعتمري في رمضان فإن
عمرة في رمضان كحجة معي .(9)


الخير بادٍ فيك والإحسان ُ *** والذكرُ والقرآن ُ يارمضانُ
والصوم فيك عبادة ٌ ورياضةٌ *** تسمو بها الأرواحُ والأبدانُ
والشّهر فيك مكبّلٌ ومغللُ *** والبرُّ فيك مجلّلٌ هتان ُ
والليل فيك نسائمٌ هفّافةُ *** رقصت لطيب عبيرها الرّهبانُ
والفجر فيك عبادةُ وتلاوةُ *** والصبح فيك سِعايةٌ وأمان ُ
والروح فيك طليقةُ رفرافةٌ *** أحلامها الغفرانُ والرضوانُ
والجسم فيك حبيسةُ أطماعه *** لا يستريح إذا سما الوجدان ُ
والناس فيك تآلفٌ قد ضمهم *** وأظلّهم ظلُّ الهدى الفينانُ
فكأنهم جسمٌ يئن إذا اشتطى *** عضو به وكأنّهم بنيانُ
وليتأمل
متأمل هذه البشائر والفضائل العظيمة بقدوم هذا الشهر المبارك ليجد ثمة
فرحة تخالج قلبه ، وتسكن فؤاده ، ويجد فيض أثرها في حياته . وليعلم أن
المنح عطايا ، والفضل مكرمات ، وأي منحة ، وأي فضل أعظم من شهود هذا الشهر
الكريم فليهنأ المسلم بهذا الفضل وليحمد الله تعالى على ما أولاه من نعمه ،
وليكتب بأثره وجهده وعمله قرى هذه الأضياف كما قال السلف : النعم أضياف
وقراها الشكر . ومن دلائل الحرمان عافانا الله وإياكم منه أن تجد أحدنا
يشهد هذا الشهر ، ويعيش أيامه ، ويرحل من حياتنا دون أن نحسن ضيافته أو
نحتفي بمقامه ، بل قد نتجاوز مجرد ضياع الفضل والخير فيه إلى أبعد من ذلك
بكثير حين نغمس في الخطيئة في لياليه ، ونعيش في أوقاته وكأنما هي فُرص
للمعصية ، وأوقات مهيأة للولوغ في الجريمة ، وحين نكون كذلك فما أحقنا
بالعزاء في قلوبنا ، فشهر لا تنعم الروح بلقياه ، ولا تسعد بمصاحبة أيامه
روح هي أمس الحاجة إلى عتاب صادق ، ومحاسبة دقيقة قبل رحيل مثل هذه الأيام
من حياتها . وفقنا الله وإياكم لاستقبال شهرنا ، وجنبنا الله عواقب الحرمان
.


(1) رواه النسائي والبيهقي وأحمد وصححه أحمد شاكر رحمه الله .

(2) متفق عليه

(3) متفق عليه

(4) رواه الإمام أحمد وصححه الألباني .

(5) رواه الطبراني وصححه الألباني .

(6) متفق عليه

(7) متفق عليه

(8) متفق عليه

(9) متفق عليه