بسم الله الرحمن الرحيم
لا تظــن ؟.؟؟؟
( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
إذا وصل المتسابق الأول إلى خط النهاية فتلك ليست هي النهاية .. فهناك آخرون وآخرون سوف يصلون .. فالدائرة دائرة .. وليست هناك فاصلة تفيد بأن المحصلة هي اليتيمة والوحيدة .. فدائماً هناك لا يزال ذلك الغائب المنتظر .. وكل إحداثيات التاريخ تقع كأنها هي التي كانت أملاً ذات يوم ثم فجأة تلوح وتروح ليقدم البديل .. وذاك بديل له بديل .. والبديل له البديل .. وتبقى النظرية مجرد سلسلة من الأحداثيات التي يريدها بعض المتوهمين كأنها ليلة القدر التي تختصر العطاء والعافية في جملة واحدة .. هبة وعطاء من قادر مقتدر يهب إذا شاء لمن يشاء .. فإذن تلك الآمال التي تخوضها أمم وكأنها تترقب فاصلاً للرخاء والنماء هو الأول والأخير هي خاطئة .. إذا أردنا أن نقولها في حقيقة مجردة .. فهي مثل شعلة تضيء في آفاق السماء البعيدة يترقبها الناس بشوق وكأنها هي النجاة المطلقة من كرب الأزمان .. ثم تأتي الشعلة قريباً لتضئ قليلاُ ثم تنطفي فجأة وتظهر شعلة أخرى في كبد السماء .. وهكذا شعلة تلو أخرى .. والأحداثيات مثلها كذلك فهي قد تمثل أملاُ للكثيرين ولكنها تأتي لتكون مجرد حدث يلازم الزمن ثم يتحول فجأة ليكون واقعاً من الأمور البديهية العادية .. وفي التاريخ تكون سيرته مجرد سقط من سواقط المتاع التي قد لا تلفت الانتباه .. ويأخذ حيزاً من هامش التاريخ مجرداً من تلك الهالات والأوهام التي تصاحب مقدمه .. ومن سنة هذه الحياة دائماً هناك آخرون ينتظرون وهماً جديداً .. ويبنون حولها أساطير من الخيالات والآمال والسراب والآفاق الكاذبة الخادعة .. فإذا هي في النهاية مجرد مرحلة عادية تمر كغيرها .. لها ما لها وعليها ما عليها .. والمتعمق الحصيف هو ذلك الذي يقدر الأمور ويأخذها على أنها عابرة لا تستحق أكثر من حقها .. وآثارها هي آثار تجربة قابلة للنجاح أو الفشل .. فهي مجرد أطماع اجتماعية مبنية فوق جدران التخيل والأوهام .. إذا وقعت يعيشها البعض بمراراتها وبحسراتها ثم يعيشها الآخرون ببعض حلاوتها .. وتلك مراراتها هي ذاتها .. وتلك حلاوتها هي ذاتها .. ثم بالتأكيد ينساها الإنسان مع مرور الأيام ليبحث عن البديل عنها .. فهي خدع ودغدغات تتوهمها فطرة الإنسان الذي يتمنى ثم يتمنى وأخيراً يجعل من أمنياته شأناً كبيراً يستحق كل المجازفات والتضحيات .. ثم تدور في ذهنه دائرة البدائل بنسق يسيطر على تفكيره بدرجة مملة .. ثم يحتفظ في أعماقه بوهم ذلك العملاق المنقذ والذي سوف يجعل من حياته الجنة المنشودة .. ولكن هيهات هيهات .. إنما هو عملاق زائف من ورق ووهم . والأحداث في الحياة الاجتماعية هي كغيرها دائماً وأبداً يشوبها السالب والموجب .. سواءً وقعت بكبيرة أو أتت في دورتها الطبيعية .. فهي قابلة للنجاح أو الفشل حسب المعطيات اللاحقة .. وحسب الظروف والإمكانيات المتاحة ..
ولكن دائماً هو ذلك ( بني الإنسان ) طموحاته دائماً بغير حد في هذه الحياة .. يفترض الأحلام ويبني قصور الرمال لتنتهي به الأحوال مع أول مد للبحر .. ثم يشتكي من جديد ويبدأ في فرضيات اللوم والعتاب .. وينتظر الفارس البديل ! .. ثم يتذمر ويشتكي ويتأفف .. وفي النهاية هو خارج منها بخرقة تغطي ما بقي من آثاره ليرقد حتى موعد الساعة .. ومازال هناك آخرون في الساحة يركضون خلف أوهام الأمنيات .. ويظنون أن الآمال الكبيرة قادمة لا محال تحمل في كفها ملاعق الذهب .. والتاريخ أبداً لم يثبت أنها كانت كذلك في يوم من الأيام .. بل الحياة دائماً بمراراتها وحلاواتها .. دورات رخاء ودورات شدة .. فإذا كانت هي كذلك فلماذا يطمع البعض في أن يجعلها شرطاً لا بد أن يكون مقروناً بأحلام البشر .. ؟؟!! .